23‏/10‏/2010

رسالة الى قلب جريح



فى ظروف قاسية انتقل أحد الأحباء من هذا العالم بعد أن نجحت عملية نقل النخاع له ، وعان الذى وهبه جزءا من نخاعه متاعب جسدية كثيرة ..وساد الحزن على الأسرة والأحباء ، فتساءلت أخته فى مرارة : لماذا سمح الله بهذه التجربة القاسية ؟ ، ولماذا سمح له أولا بنجاح العملية ثم يسمح بانتقاله من هذا العالم ؟ لماذا الآلام التى نجتازها؟ وقد بعثت اليها برسالة ، رأيت أن ننشرها لنفع كل قلب جريح :
الأخت المباركة فى الرب ..
سلام ربنا يسوع المسيح الذى تألم عنا ومات ثم قام يكون معك ويرافقك ، وتعزية الروح القدس ترفع قلبك ليدرك أبوة الله الحانية ، ويتفهم خطته الالهية من جهتنا .
فى هذه الظروف القاسية التى تجتازين اياها أتذكر أخا مباركا عاش فى وسطنا فى ملبورن أستراليا ، أصيب فى حادث أليم ، وبعد قليل اكتشف أنه مصاب بمرض السرطان ، وأن الأورام قد تغلغلت فى كل جسمه ، وتوقع الأطباء رحيله فى خلال أسبوعين أو ثلاثة أسابيع ..
واجه هذا الأخ توقع الموت ببهجة قلب لم أر مثلها ، بل كانت أحاديثه معى ومع من يزوره من شعب الكنيسة حول اشتياقه الصادق الى ملاقاة السيد المسيح ، مع أنه كان حديث المعرفة به . كان يترقب انفتاح آخر باب يفصله عن رؤية محبوبه السيد المسيح السماوى ، ألا وهو الموت .
هذه قصة عشتها منذ سنوات فى أستراليا ، وأعيشها بصورة أو بأخرى مع كثيرين يرون فى الموت انطلاقة نحو الوطن الباقى أبديا .
كثيرا ما نسأل : " ولماذا يسمح الله لنا بالألم ؟" . وتأتى الاجابة : من يستحق أن يرافق السيد المسيح فى آلأمه ؟ من يتأهل لهذا الشرف العظيم ؟
الألم هو مدرسة الهية ندخلها ولو بغير ارادتنا لنتعلم حياة التسليم والشكر لله ، فنعبر فوقه ، وننعم خلال صراعنا معه بالمجد الداخلى الذى يعلن فينا .
+ أرسل القديس يوحنا ذهبى الفم الى شابة ترملت وكان زوجها مرشحا لتولى ولاية فى الامبراطورية الرومانية ، يقول لها فى صراحة انه قد تردد بعض الوقت فى الكتابة اليها ، لأن الحدث جسيم والضيقة مرة وقاسية . لكنه يعود فيقول لها عن زوجها المنتقل انه قد عبر الى ملك الملوك ليصير ملكا حقيقيا ..فكيف لا نفرح معه وبه ؟ . . .
ماذا أقول  ؟ لو أننا سألنا الراقد أن يعود الى عالمنا لأننا متألمون بسبب فراقه لنا أو لاحتياجنا الى رعايته سواء المادية أو الروحية أو النفسية أو الاجتماعية ، فبماذا يجيب ؟ هل يقبل أن يعود الى " وادى الدموع " بعد ما تمتع بالفردوس ؟ !
هل يرجع الى الجسد الترابى بعدما خلعه مترقبا أن يعود فيلبسه جسدا روحيا ؟!
هل يترك شركة التسبيح مع الملائكة وكل السمائيين من أجل آلام فراقه لنا مع أنه لم ينفصل عنا بالروح بل يصلى بالأكثر لأجلنا ؟
هل يترك ثوبه الأبيض ورفقته للحمل الذى يمسح دموعه ( رؤ 7 : 9 – 17 ) ليصير فى رفقة الأرضيين هنا ؟!
بالحقيقة اذ نرفع قلوبنا الى الفردوس لا نضطرب من الموت بل بالحرى نشتهيه ، حاسبين اياه رحيلا ورقادا مؤقتا حتى يأتى يوم الرب العظيم وننعم بكمال المجد الآبدى .
( عن كتاب موت أو حياة أبدية للقمص تادرس يعقوب ملطى ) 

ليست هناك تعليقات:

للأمانة

للأمانة فى حالة نقل أى معلومات من المدونة يرجى ذكر اسم المدونة وعنوانها :

ادخل ايميلك ليصلك كل جديد

Enter your email address:

Delivered by FeedBurner