21‏/10‏/2010

حقيقة الحياة




 قيل أن رجلا هرب من أمام وحش وجعل يعدو بسرعة حتى سقط - وهو لا يفطن لما ينتهى اليه – فى حفرة عميقة ولحسن حظه تعلق بشجرة ثابتة فى جانب الحفرة وتمسك بأغصانها ، وبعد أن هدأ روعه أبصر فأرين أحدهما أبيض والآخر أسود (النهار والليل) يقرضان أصل الشجرة بلا فتور حتى ظهرت أنها على وشك السقوط وأحدق بناظره الى عمق الهوة فاذا بتنين مخيف يتوقع سقوطه لابتلاعه ، فرفع نظره خوفا فشاهد بين ورق الشجرة قليلا من العسل يقطر .
فلما رأى الجاهل ذلك أهمل التفكر فى كل الأخطار المحدقة به وشرع يلعق من ذلك العسل نقطة نقطة حتى سقطت به الشجرة وراح ضحية التهائه بالحلاوة الوقتية التى هى المرارة المؤبدة ! وكم من الناس كهذا الجاهل يتلذذون بما تقدم لهم الدنيا من حلاوة اللذات و يعمون عما تجهزه لهم من عظيم الضيقات والمشقات .
هذه هى حقيقة الحياة ، الخير فيها يقبل ثم يدبر ويعقبه الويل والهم المقيم . ومن عادة الدنيا اذا قدمت فى الظهيرة طعاما طيبا لذيذا ففى المساء تقدمه مريرا ، وبينما نجد أهل العالم يقولون سلام وأمان يفاجئهم الهلاك بغتة . فلا تنظر للأوائل الخداعة بل للأواخر اللداغة ، فما عاقبة اللذات الا مرارة وما نهاية هذه الحياة التى تحبها سوى دود ورماد ، وما غاية كل خطية مميتة سوى العذاب الشديد ، وفى المقام الواحد تقام معالم السرور ثم تقام علامات الحزن والكآبة .
فلا تتأثر بالمجد الباطل بل انظر الى عاقبته المرة ، ولا تأخذنك اللذة التى هى بين يديك بل فكر فيما يعقبها من الهموم والغموم .
(عن كتاب طريق السماء للقس منسى يوحنا )

ليست هناك تعليقات:

للأمانة

للأمانة فى حالة نقل أى معلومات من المدونة يرجى ذكر اسم المدونة وعنوانها :

ادخل ايميلك ليصلك كل جديد

Enter your email address:

Delivered by FeedBurner