فى بداية حياتى الروحية لم يكن لى أى معرفة أو أى علم أو شئ عن شفاعة أو صداقة القديسين الراحلين فى الكنيسة المنتصرة ، لكن الفضل الأول والأخير الى أبى الحبيب القديس القمص يوسف أسعد _ نيح الله روحه _ فى أنه سلمنى بل ذوقنى بخبرة حياة حقيقية معنى صداقة القديسين الراحلين اذ هم بالحقيقة أحياءفى الكنيسة المنتصرة يسندوننا فى جهادنا على الأرض ويشعرون بنا ويصلون من أجلنا .
كنت مازلت فى دراستى الجامعية وتوفيت والدة احدى الخادمات بالكنيسة وكانتا أختان والدهما متوفى أيضا ، ولم يكن لهما سوى أخ واحد يعمل بأمريكا ، وبعد اجتماع الطالبات المغتربات طلب منى أبى أبونا يوسف أن نذهب معه أنا وأختان من الاجتماع لتعزية هذه الأخت ، وحاولت أن أعتذر لأنه كان عندى امتحان هيدروليكا Hydrolics ثانى يوم .وأنا حتى الآن لم أراجع النظرى أو التصميم العملى للمشاريع . ولكن أمام كلماته وطلبه قال لى " احنا نقدم عمل رحمة باسم المسيح وربنا هيقف معاك" ، ولم أكن أعلم أن الله كان يختارنى لأذهب لهذه الزيارة من أجل رسالة خاصة وتعلم خبرة ايمان جديدة فى معرفة وصداقة الآباء القديسين الذين لم أكن أعرفهم .
كنا ثلاثة أخوات وذهبنا بعد الاجتماع ، وجلسنا قليلا مع الأختان وأخيهما وكان هناك بعض المشاكل لهذه الأسرة بخصوص البيت والميراث ، وتركهم وحدهما حينما يسافر أخيهما والحديث كان مع الأخ المسافر لعمله فى أمريكا .
ومرت لحظات فى صمت ، ثم قطع الصمت صوت أبى بقوله " طيب احنا ان شاء الله نروح يوم السبت القادم ( وكنا يوم الأربعاء ) لنشاور الأنبا ابرآم ونضع كل شئ أمامه ونشوف هيقول لنا ايه ونأخذ مشورته ثم نقرر ماذا نفعل " ، وأمام المسيح لم أكن أعرف من هو الأنبا ابرأم بل ظننت أنه شخص حى موجود سوف يذهبون لمشورته .
وبعد ما صلينا ونزلنا ، سألت الأختان اللتان معى وكانتا من الفيوم ، فين الأنبا ابرآم ده اللى هيسافروا مخصوص علشان يسألوه ألا يوجد فى القاهرة من يستشيروه ؟ ..فابتسمتا وقالتا لى ، ده أبونا يقصد الأنبا ابرآم القديس المتنيح أسقف الفيوم والجيزة الراحل ، فقلت فى نفسى وكيف سيسألوه وكيف سيرد عليهم ؟ وبدت الأمور أمامى كلها علامات استفهام !! فأخرجت احداهما صورته وقالت لى هو ده انه قديس ..خذى هذه الصورة معك ، وأخذت الصورة ، وأعترف أنى بنوع من عدم الايمان قلت فى نفسى " لما أشوف بقى الأنبا ابرآم هيعمل معايا ايه فى الامتحان غدا " .
وبعدما ركبنا العربية ووصلنا الجيزة قلت لأبى : صلى لى علشان الامتحان فكرر مرة أخرى " صلاة وشفاعة الأنبا ابرآم تكون معك وتقف بجانبك ".
ووصلت الى المدينة الجامعية وكانت حوالى الساعة 9 مساءا وكنت مرهقة جدا وقلت أنام ساعات قليلة وأستيقظ فى الواحدة صباحا لأراجع أى شئ فى المشاريع للامتحان غدا .. وبعد أن نمت وضبطت المنبه واستيقظت لأجد الكهرباء مقطوعة فى المدينة بل الجيزة كلها ، ولم يكن معى أى شمعة أو أى وسيلة للاضاءة ووجدت نفسى أنهار وأبكى فقد أحسست أن المادة ضاعت ثم تذكرت صورة الأنبا ابرآم فى حقيبتى وأخرجتها وقلت له سامحنى !! ..بس خلى الكهرباء تيجى علشان أقدر أذاكر أى حاجة .
وطبعا لم يأتينى نوم حتى بدأ الفجر يشقشق ونور ضعيف من النافذة ، وكنت قد وصلت الى قمة اليأس وصعبان على جدا انه لم يستجب لصلاتى ولم تأت الكهرباء ، وقلت أصرف نظر عن هذه المادة ، ولأحاول مرة أخرى أن أفتح بصورة الأنبا أبرآم أى مشروع واحد أنظر فيه فقط ( ولوضوح الصورة فقط كانوا 7 مشاريع وكل مشروع يحتاج لتصميم ورسم من 4 الى 5 ساعات وحساباته أكثر من ساعتين ) ، ولكننى كنت أقلب الصفحات أو أقرأ مجرد قراءة للحسابات والقوانين .
ثم صليت صلاة باكر وذهبت الى القداس الالهى كما تعودت قبل الامتحان ، وأنا فى حالة يأس تام انه يمكن أن يأتى المشروع الوحيد الذى راجعته ، وسلمت كل شئ لله ، وذهبت الى الامتحان لأفاجأ أن المشروع الوحيد الذى لااجعته صباحا هو الذى جاء فى الامتحان ووجدت نفسى أتذكر التصميم والحسابات كأنها مفتوحة أمامى ، ثم يدا خفية تمسك يدى وترسم التصميم على اللوحة ، وكل هذا كان عجيبا ومدهشا ، لكن الأغرب من ذلك هو أننى حصلت على تقدير امتياز فى هذه المادة وأنا نادرا ما كنت أحصل على هذا التقدير فى أى مادة .
ومنذ ذلك الوقت وبهذه الخبرة العملية بدأت أتعرف على بقية الآباء القديسين الأحباء فى السماء وأقرأ عنهم وأطلب صلواتهم وشفاعتهم ، وأخصص لكل مادة ولكل موقف قديس خاص به ، وأحسست فعلا مثلما كان يقول أبى أنهم سحابة الشهود الأحباء الذين يشعرون بنا ويشفعون من أجلنا .
حقا كم كان يشتاق اليهم ويحدثهم ، نعم يا أبى الحبيب الآن أنت تتمتع برؤياهم والفرح معهم بالرب يسوع شهوة قلبك الذى أحببته وقدمت حياتك كلها من أجله ، فاذكرنا جميعا فى صلواتك أمام عرش المسيح ، الى أن نلقاك هناك .
(عن كتاب سفير يعلمنا اصدار أبناء القمص يوسف أسعد)
---------------------------------------------
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق