لاقت ماريا متاعب كثيرة ليس فقط من أجناد
الشر الروحية ، بل أيضاً من البشر الذين استخدمهم عدو الخير ضدها .. ولكن رغم كل
ما صادفها ، كما سنرى فيما بعد ، فقد تحملت بصبر وجلد بمعونة الله كل التجارب التى
تعرضت لها ..
لقد أُجبرت ذات يوم أمام إصرار المسئولين
على ترك المغارة التى كانت تُقيم فيها والتى هُدمت من أساسها طالبين منها ضرورة
إحضار وثيقة تُثبت إخلاء طرفها من قريتها وتصريحاً بتغيير مكان إقامتها .. أما
حنّة فلم يتوصل المسئولون إلى مكانها ...
لم تترك ماريا المكان نهائياً ، بل تجولت
داخل الغابة الكثيفة رافعة قلبها فى صلوات حارة إلى الله ساكبة دموعاًغزيرة حتى لا
يحرمها الله من المأوى المحبب إليها ... وفجأة وقع نظرها على أثر أقدام على الأرض
وسط أشجار الصنوبر الطويلة ، فتتبعتها .. فوجدت كوخاً خالياً ذا باب منخفض وبه
موقد حجرى صغير ، وفى الحال اتجهت ماريا إلى القرية حيث تقابلت مع رجل مُحب لله
يُدعى أندرو _ وهو
أحد مساعدى آباء دير القديس نيسيفوروس _ وأعلمته باكتشافها لهذا الكوخ واستفسرت
عن أمره ، لرغبتها الإقامة فيه ..
وعندما استفسر اندرو عن هذا الكوخ ، علم
أن أحد أبناء القرية قد لجأ إلى الغابة هرباً من استدعاء الجيش ، وبنى هذا الكوخ
حيث كان يختفى فى الغابة فى النهار ويأوى ليلاً وأوقات الراحة فيه .. ولما سمع هذا
الرجل من أندرو عن رغبة عابدة الرب ، ترك لها الكوخ وبنى لنفسه كوخاً آخراً ..
كان أندرو يتردد على زيارة الأب تريفون
الذى كان يقطن على بُعد ميل من طاحونة على البحيرة ، فأخبره عن عابدة الرب ماريا
وعن مكان إقامتها الجديد .. فأخبر الأب تريفون أباه الروحى جيراسيموس عن ماريا وعن
مكان إقامتها الجديد .. فتذكر الشيخ وصية أبيه أشعياء بألا يترك الفتاتين عابدتىّ
الرب فى الغابة دون الإهتمام بهما ...ففرح لمعرفته محل إقامتها .. فكان يذهب من
حين إلى آخر للاطمئنان على أحوالها ..
وعندما حل وقت الخريف ، تركت ماريا الغابة
واتجهت إلى قريتها للحصول على الوثيقة المطلوبة منها الخاصة بمحل إقامتها بُناء
على طلب السلطات .. وفى هذه الأثناء ، دخل رجلان قاطعا أخشاب إلى المغارة ، فى
ليلة كانت شديدة البرودة ، ومن شدة رجفتهما من الصقيع ، أشعلا الموقد ببعض فروع
الخشب ثم تغطيا بغطاء من الصوف واستسلما للنوم ...
بعد مرور يومين ذهب أندرو إلى الغابة
ليستعلم عن رجوع عابدة الرب من بلدتها ، فإذ به يُفاجأ بوجود جثتا رجلين على الأرض
...فأنتابته حالة من الخوف والرعب وأسرع نحو الطاحونة ليُخبر الأب تريفون بالأمر
.. فقررا عدم أخذهما مسئولية هذا الحادث على عاتقهما أمام الله إذ يستلزم الأمر
إبلاغ الأب جيراسيموس الذى حزن جداً عند سماعه لهذه الأخبار بسبب المحاكمة الغير
متوقعة التى ستحل على قاطنى الغابة ..
ذهب الأب جيراسيموس وأعلم الأب متروفان
رئيس الدير بهذا الخبر المُحزن ، فأبلغ الحكومة المحلية بالحادث وللحال قامت لجنة
بالتنقيب والبحث للتعرف على شخصية الرجلين وجاء التقرير الطبى بعد تشريح الجثث أن
الموت ناتج عن حدوث اختناق .. وأصدر المحقق أمراً بضرورة هدم هذا الكوخ وعدم
التصريح بإعادة بنائه ..
وعندما رجعت ماريا ومعها الوثيقة المطلوبة
وبعض المال لأى ضرورة أو طارئ ، فوجئت بعدم وجود مأوى لها ، فبكت بشدة وحزنت
ولكنها ظلت صامدة بقوة الله ولم تتزعزع عزيمتها عن الاستمرار فى الحياة فى الغابات
.
*يتبع ***يتبع *** يتبع ***يتبع *** يتبع ***
يتبع*
( عن سلسلة أنا هو لا تخافوا (8) ترجمة دير
الشهيد العظيم أبى سيفين للراهبات لسنة 1999 )
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق