مغادرة ماريا للعالم :
كان ذلك فى الصباح الباكر من يوم شديد
البرودة ، فإرتدت كلا من الفتاتين المتجولتين معاطفهما الثقيلة وغطتا رأسيهما
بإيشارب وحملتا حقائبهما الصغيرة على أكتافهما وسارتا عبر الأشجار فى طريق الغابة
الكثيفة المميز بأشجار الصنوبر والتنوب ..
كان يُخيّم على هذه الغابة المقفرة الهدوء
والسكون ..حتى صوت حفيف الأشجار لا يُسمع فيها بسبب الثلوج الثقيلة المتراكمة
عليها ..فقط كان الثلج يلمع على أوراق الشجر الخضراء وسطح البحيرات الموجودة على
طول الطريق فى Vazhe Lake عندما تسقط عليها أشعة الشمس الحمراء وقت
شروقها ..
وعندما عبرتا الغابة ، رأت المتجولتان ، من
على بُعد ، شخصاً يقف على الطريق يحمل فأساً على كتفه ..كان ذا لحية صغيرة مختلط
شعرها بالبياض ..قصير القامة وشديد البنية ..وكان يرتدى معطفاً به حزام من الجلد
ويعلو رأسه غطاء أسود ..وعندما تقدمت الفتاتان نحوه الواحدة تلو الأخرى ، نظر
الشيخ إلى ماريا بنظرة ثاقبة وبتركيز مثبتاً نظره عليها وهو يبتسم إبتسامة رقيقة
كلها مودة ثم ربت بيده على كتفها ..وقال لها :" ألا تعرفينى يا ماريا ؟ إنك إبنة أخى . لقد
أرسلك الله .."
تقدمت ماريا وسجدت أمام قدمىّ الشيخ ذارفة
دموعاً غزيرة وقالت له :"
سامحنى يا أبى أنا الخاطئة وباركنى فإننى لم أرَك منذ زمن طويل ..فأنا فى طريقى
للسؤال عنك ..هل دير القديس نيسيفوروس بعيد عن هنا ..؟"
أجابها الأب أشعياء :
"إنه على بعد ثلاثة أميال ..هيا بنا
إلى بيت الضيافة الذى بُنىّ حديثاً هنا والذى تهتم بشأنه الأم أكولينا..فكما تريان
كل هذا المكان المبارك مازال شاغراً ..ليت الله يبارككما ويكون لكما نصيب للإقامة
فى مغارة صغيرة به ..استريحا لمدة يوم أو إثنين وصليا بالكنيسة ثم نصعد بعد ذلك
سوياً إلى الدير ، فسوف أقودكما بنفسى إلى مغارة الأم أكولينا داخل الغابة ".
شعرت الفتاتان برهبة ورعدة شديدة تجاه شفافية
وبصيرة الشيخ الروحية إذ علم بفكرهما واشتياقاتهما دون أن تتحدثا معه بكلمة واحدة
...
*يتبع ***يتبع *** يتبع ***يتبع *** يتبع ***
يتبع*
( عن سلسلة أنا هو لا تخافوا (8) ترجمة دير
الشهيد العظيم أبى سيفين للراهبات لسنة 1999 )
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق