نشأة ماريا :
كانت ماريا تتمتع ببنية قوية ، فكانت وهى ما
بين السادسة والسابعة من العمر ، تستيقظ مبكراً لتساعد والدتها فى كل شئون المنزل
والحديقة وأحياناً فى الحقل كما كانت تعتنى أيضاً بإخوتها الصغار خاصة فى زمن
الحصاد وقت إنشغال والديها ..
بلغت ماريا سن العاشرة من عمرها وكانت تتسم
بهدوء الطبع ، صامتة ، تسلك حسناً ، ولكن كل هذه الصفات ليست غريبة عن أسرتها فكل
العائلة تتسم بالطيبة والتقوى والهدوء .. وذات يوم عندما أرادت والدتها أن ترسلها
لتلعب مع بعض البنات الصغيرات وتستمع معهن إلى بعض الأناشيد التى يرددونها ، لم
تعتذر الإبنة لوالدتها بل أطاعت وارتدت ملابسها وخرجت ولكنها لم تنخرط مع رفيقاتها
فى اللعب بل انفردت بعيداً عنهن وظلت تتأمل فى السماء وتلاحظ كيف تتحرك السحب
وتتأمل فى النجوم التى تُضئ ليلاً ..
وعند عودتها إلى المنزل سألتها والدتها عما
سمعته أو تعلمته من رفيقاتها فلم تستطع أن تُجيب أسئلتها ولكنها قالت لها : "
إنى لم أنتبه لما كانوا يرددونه " .
وذات يوم مر بمنزلهم بعض المتجولين من زوار
الغابات فإستضافهم والد ماريا وألزمهم أن يقضوا عنده الليلة ..فقضوا الوقت فى
الحديث عن الأديرة وحياة الآباء النساك وجهادهم ...وكانت ماريا جالسة تنصت بإنتباه
إلى المتحدث ولم تتحرك من مكانها حتى ساعة متأخرة من الليل إلى أن ذَكَرَتها
والدتها بأن ميعاد نومها قد حان ولابد أن تذهب إلى فراشها ولكنها ترجت والدتها أن
تتركها لتسمع المزيد من الروايات عن هؤلاء القديسين العباد ..
وعندما كان والدها وجِدّها يتحدثان عن
زيارتهما لقاطنى الغابات وعن أسلوب حياتهم العجيب وجهادهم ، كانت ماريا تنصت إلى هذه الأحاديث بإنتباه شديد وكان والداها يُلاحظان أنها تجفف دموعها التى كانت تسيل
على خديها فى صمت ، بسبب تأثرها بما تسمعه ، فكانوا يُذهلون من سلوكها ويقولون
بعضهم لبعض :
" الله وحده يعلم ما يدور فى خلد هذه الطفلة ..فهى
لا تُشبه بقية الأطفال فى مثل عمرها فهى لا ترغب فى سماع شئ سوى سير القديسين
.."
*يتبع ***يتبع *** يتبع ***يتبع *** يتبع ***
يتبع*
( عن سلسلة أنا هو لا تخافوا (8) ترجمة دير
الشهيد العظيم أبى سيفين للراهبات لسنة 1999 )
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق