مكثت حنّة وماريا فى سلام تحت سقف قلايتهما
المخفية بالجليد فى جهاد مستمر فى الصلاة والصوم واستمرتا على هذا الحال مدة ثلاثة
أعوام ..
وذات مرة أثناء وجودهما فى الدير للتناول من
الأسرار المقدسة ، أعلمت ماريا وحنّة أباهما الروحى الأب أشعياء ، الذى صار فى ذلك
الوقت فى الإسكيم بإسم الأب أشعياء – أغناطيوس ، عن رغبتهما فى أن تستقل كل منهما
فى مكان بمفردها .. وعندما تحدث الشيخ مع كل منهما على إنفراد فرح جداً لتقدم إبنتيه
فى جهادهما الروحى فى حياة الصمت و الصلاة وسمح لهما بأن تحيا كل منهما فى مغارة
منعزلة واهتم بإقامة مغارة خاصة لحنّة فى مكان آخر داخل الغابة ..
وبسرعة حان وقت رحيل الأب أشعياء أغناطيوس من
هذا العالم .. فرقد فى الرب فى اليوم العشرين من شهر أبريل عام 1852 م .
بعد نياحة الأب أشعياء ، عانت ماريا بسماح من
الله العديد من التجارب والأحزان ..ففى البداية كان يعتريها الخوف بسبب رؤى
الشياطين التى كانت تُخيفها أحياناً فى مناظر مفزعة ليلاً وأحياناً كانوا يظهرون
لها فى شكل أبيها الشيخ المتنيح كأنه قادم إليها من النافذة أو كأنه يقرع على باب
القلاية ...
وذات ليلة ، إنتظرت ماريا بفارغ الصبر ، بزوغ
الفجر ، بعد أن قضت ليلة رهيبة ، بسبب ما أثاره عدو الخير أمامها من المناظر
المفزعة ، فأسرعت إلى الدير لطلب صلوات وإرشاد الأب جيراسيموس الذى صار أباها
الروحى بعد نياحة الأب أشعياء ، فأعطاها زيتاً مقدساً من القنديل المُضاء أمام
رفات القديسين ونصحها بأن تحتمل هجمات الشياطين دون أن تنزعج من صياحهم أو مناظرهم
لأنهم لا شئ ، وعليها أن تُصلى بصوتٍ عالٍ .. وأن الشيطان لا يستطيع أن يفعل شيئاً
للإنسان المسيحى المُسلح بعلامة الصليب والصلاة من كل قلبه ...
*يتبع ***يتبع *** يتبع ***يتبع *** يتبع ***
يتبع*
( عن سلسلة أنا هو لا تخافوا (8) ترجمة دير
الشهيد العظيم أبى سيفين للراهبات لسنة 1999 )