02‏/11‏/2010

القديس الراهب يونان

 فى أعالى الصعيد ، وفى دير قرب أسوان من تلك الأديرة العديدة      التى عاش رهبانها تحت رعاية الانبا باخوم أب الشركة ، كان بين هؤلاء الاخوة ، راهب اسمه يونان اشتغل بستانيا للدير ، وقد اتصف بتواضعه وبسرعة تلبيته لمطالب اخوته . كذلك عود نفسه على الاكتفاء بأكل الخضروات الطازجة بعد صلوات الغروب فقط . ومع تقشفه الشديد فقد ظل صحيح الجسم لم يمرض اطلاقا .
وذات يوم ذهب الانبا باخوميوس ليتفقد رهبانه بذلك الدير ، فوجد عند مدخله شجرة تين وارفة الظلال كثيرة الثمر ، ولكنه رأى فوقها شيطانا هو شيطان الجشع الذى كان يغرى حديثى الرهبنة بالافراط فى أكل ثمارها الشهية ، فنادى البستانى يونان و قال له " اقتلع هذه الشجرة اذ يجب الاستغناء عنها لانها عثرة للمبتدئين " .
فتألم الراهب البستانى لهذه الكلمات ، ورجا القديس الكبير أن يتركها . فلما لاحظ الاب الحنون الالم واضحا على وجه يونان عدل عن رأيه وسمح له باستبقائها ، وفرح يونان لهذا التنازل .
ولكن للأسف ! فقد وجدها اليوم التالى يبست وجفت تماما و سقطت كل أوراقها و ثمارها ، فتألم البستانى كل الألم لانه عارض أمر أبيه الروحى بدلا من طاعته . 
وقضى يونان 85 سنة فى الدير مداوما على تدريب نفسه روحيا مستهدفا السمو ليكون لائقا بالاسم المجيد الذى لمخلصنا الصالح ، ومع كونه انشغل بحديقة الدير و زرع كل أشجارها ، الا أنه لم يسمح لنفسه بأن يذوق ثمرة واحدة من ثمار الاشجار المختلفة ، بل كان يقدم هذه الثمار لاخوته الرهبان و لزوار الدير .
كذلك لم يسمح لنفسه بالاستراحة ولو لفترة قصيرة لانه كان يشتغل برضى وحماسة ، فمتى انتهى من الزرع وصلى صلاة الغروب مع اخوته جلس يضفر الحبال الى ساعة صلاة النوم . و خلال عمله هذا كان يتلذذ بترديد الآيات المقدسة ، فان غلبه التعب نام مكانه والجدائل فى يده ، وعلى هذا الحال عينه نام نومته الأخيرة .
وقد روى اخوته الرهبان انهم حينما أرادوا أن يفردوا جسده عند دفنه لم يستطيعوا لانه كان قد تصلب بحكم تعوده العمل والنوم جالسا . فواروه الرمال بجلسة العامل المثابر الذى فأجاه الموت خلال عمله .
بركة صلاته فلتكن معنا آمين .


(عن كتاب لكى لا ننسى لايريس حبيب المصرى )

ليست هناك تعليقات:

للأمانة

للأمانة فى حالة نقل أى معلومات من المدونة يرجى ذكر اسم المدونة وعنوانها :

ادخل ايميلك ليصلك كل جديد

Enter your email address:

Delivered by FeedBurner