17‏/06‏/2011

قسوة الوحدة



أمام منزل فقير فى قرية بصعيد مصر ، جلس رجل مسنّ يبدو عليه الوقار والأسى .
اقتربت منه وسألته عمّا إذا كان يعيش مع أحد من أسرته ، فأجابنى : لقد فقدت زوجتى ، وتزوج أولادى وبناتى ، ولم يرد أحد منهم مكوثى معه بسكنه ، فظللت وحدى فى منزلى القديم هذا ، أُعانى قسوة الوحدة .
وأخذ يُحدثنى عن السعادة التى فقدها بفقدانه زوجته وأنه شعر بتلك الوحدة المرّة بفقدانها ، وأضاف قائلاً : حينما كنت شاباً كان لى عدد كبير من الأصدقاء كلهم أصبحوا شيوخاً مثلى ، وكنت أفكّر أنّ أحداً ما سيزورنى ولو مرة كل 15 يوماً ، ولكن للأسف حتّى أولادى وبناتى ليس لديهم الوقت لزيارتى ، وهم يرسلون لى بعض المساعدات المالية وأحياناً الهدايا والطعام مع أطفالهم ، وحتى الأطفال لا يمكثون كثيراً عندى .
بعد مغيب الشمس أُغلق بابى وأتناول طعام العشاء وأنام بسريرى ، ثم همس بصوت خافت والدموع تنزل من عينيه " ربنا يكفيك شّر الوحدة وقسوتها يا ابنى "
هذا الأب الذى كان يجمع أولاده وبناته ، هو وزوجته ، حوله ، والذى اعتنى بهم جميعاً ، لا يجد أحداً منهم يخفف عليه وحدته .
هل فكّرت أيها الصديق بأن تُجالس إنساناً يعيش فى وحدة مؤلمة ؟ هل فكّرت أن تُجالسه وتقول له كلمة محبّة ؟ هل فكّرت فى مصير والديك لكى يشعرا بمؤانستك ومحبتك لهما ؟
كن ابناً مطيعاً محبّاً ، كونى بنتاً مطيعة ومحبّة .
تذكرا وصية الرب : أكرم أباك وأمك .
تذكرا أنّ إكرام الوالدين لا يقوم فى تقديم المال أو المأكل لهما ، بل العطف والسؤال عنهما لا سيما عند الكبر .

( عن كتاب كلمات محبة لحياة أفضل - لأبونا مكاريوس أغابيوس _  إصدار سنة 1982 )

ليست هناك تعليقات:

للأمانة

للأمانة فى حالة نقل أى معلومات من المدونة يرجى ذكر اسم المدونة وعنوانها :

ادخل ايميلك ليصلك كل جديد

Enter your email address:

Delivered by FeedBurner