" من يبشر المسبيين بالذى ذاق الموت عنهم ؟ ومن يسبق إلى الفردوس يهيئ الطريق للملك " .
( من طرح الساعة التاسعة يوم الجمعة العظيمة )
+هل مكث يسوع صامتاً فى القبر هذه الثلاثة أيام حتى قام ؟! سؤال لابد أن يبادر إلى الذهن لآن الصليب لم يكن نهاية الأمور ، بل فى واقع الأمر هو الحدث الذى فتح الطريق للنصر ، كان الصليب رغم ما بدا فيه من ضعف ومذلة وآلام وسخرية ، واستهزاء ، هو قمة الأحداث كلها وأقوالها ، فلقد أتم الله بالضعف ما هو أقوى من القوة .
+لقد انتظر الشيطان بجوار الصليب لكى يقوم فى اللحظة المناسبة ليأخذ تلك الروح التى دبر لهلاكها ، أنه ينتظر حتى يموت المسيح فيقبض على روحه كباقى البشر السابقين ليحدرها معه إلى الجحيم ، فلما جاءت اللحظة سمع الصوت الإلهى يقول " يا أبتاه فى يديك أستودع روحى "....كيف يودع روحه فى يدىّ الآب ؟! الحق أنه يودعها فى يدى أنا ..إبليس ..فيتقدم ليأخذ تلك الروح فيمسكه الرب بقوة لاهوته ويقيده ألف سنة .
+ثم يمضى الحمل ..لا بل الأسد الخارج من سبط يهوذا هو حمل الله حتى تم رفع الخطية على الخشبة ، وإتمام دينونتها فى جسده ، فلما تم إكمال عدل الله صار من الضرورة أن جميع الذين قبض عليهم إبليس من آدم حتى تلك اللحظة ، أن يخرجوا من العبودية إلى حرية المجد ، لقد ماتوا على رجاء ، وانتظروا حتى الآلاف من السنوات حتى تم الصليب .
+لذلك مضى الحمل إلى الجحيم بالنفس التى أخذها من طبيعة آدم وجعلها معه ، نزل إلى الجحيم من قبل الصليب ، كسر الأبواب النحاس بسلطانه ، والمتاريس الحديد سحقها ، سبى الجحيم سبياً .
+نزل الإله العظيم _ خلف عبده آدم وحله وأخرجه من الظلام وعتق أمنا حواء من الأسر .
+وهكذا الأبرار ، والآباء من رؤساء الشعوب ، والأحبار ، والملوك ، جميع المسبين أخرجهم ، تقدم الجميع صفوف صفوفاً ورتباً رتباً ورتلوا ترنيمة المجد .
+صار ابن الله بين الأموات ثلاثة أيام ، ومشى فى أسواق الهاوية ثلاثة أيام ، ودخل فهدمها ، وأكمل كرازته ، ثم أظهر قيامته فى اليوم الثالث بمجد عظيم .
+من قبل الصليب صار الخلاص للجميع ، للأموات والأحياء ، نزل ربنا كالمطر بأرض هاوية الموت ، وأيقظهم مثل الزرع ليتخلصوا من الموت .
+وهكذا سلم الموت والجحيم جميع الأنفس الحرة التى انتظرت هذا اليوم .
+لقد تهلل هابيل وسجد للحمل الذى عرفه حينما قدم ذبيحته الأولى على الأرض .
+لقد تهلل الأنبياء والصديقون وهتفوا هتاف النصر ، لقد صار لهم بدم المسيح المهرق على عود الصليب ، الخلاص من الأسر .
+الشعب الجالس فى الظلمة أبصر نوراً عظيماً .
+لقد عاشوا فى حياتهم على رجاء هذه اللحظة وتمسكوا بهذا الخلاص وها قد حانت اللحظة المقدسة التى اجتمع فيها جميع المفديين من الأسر يتقدمهم مخلصهم ليدخلوا إلى الفردوس .
+إنه سبت الفرح للأموات الذين ماتوا على رجاء القيامة ، لقد انفتحت أبواب الفردوس وسمح للأبرار ، جميع المنتظرين الفداء بالدخول وسط هتافات السمائيين بصوت عظيم .
+مستحق هو الحمل المذبوح أن يأخذ القدرة والغنى والحكمة والقوة والكرامة والمجد والبركة ...والسلطان إلى أبد الآبدين .
( عن كتاب فادى البشرية للقمص لوقا الأنطونى )
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق