26‏/11‏/2010

فى خدمة من لا يموت


كان القديس فرنسيس دى بورجيا دوقا ونائب ملك أسبانيا ، وقد قضى سنينا عديدة فى بلاط الملك تشارلز الخامس .
وكان من أحر رغباته أن ينال حظوى لدى الملكة ايزابل  وساعدته الظروف فنال بغيته وصار من أعز المقربين اليها، وكانت تعتبر أجمل نساء عصرها وعندما ماتت أمر الملك بأن يرافق جثتها فرنسيس دى بروجيا الى مدينة غرناطة حيث كان يدفن الملوك فى أحد كنائسها .
وحين دخل الموكب الى الكنيسة فتح النعش بحسب الأمر الملكى بحضور فرنسيس نائب الملك ليتحقق هو والجميع أن الجثة التى أمامهم هى للملكة المتوفاة نفسها .
فلما نظر فرنسيس الى وجه الملكة ايزابل ، الذى شادت  بذكر جمالها الجموع ، رأى البشاعة الهائلة التى  طبعها الموت على ذلك الوجه الذى كان ناضرا من أيام قليلة ، وحين شم الرائحة الكريهة المنبعثة من الجثة ، اهتز قلب الشريف ارتعابا واشمئزازا ، وقال لنفسه ( ما أسرع أن يزول الجمال والعز والسعادة ! لقد خدمت هذه الملكة سنينا عديدة ، فما الذى ربحته ؟ من المحال أن أخدم خليقة يخطفها الموت هكذا . لن أخدم سوى الله ) .
وقضى طول الليل يصلى ، ثم ما لبث أن هجر مركزه العالى فى القصر الملكى وأصبح راهبا بارا .

( عن كتاب لنعمل معه لأبونا مرقس عزيز خليل )

24‏/11‏/2010

أين أنت يا الهى ؟



أين أنت يا الهى ؟ أين أجدك يا الهى ؟
طال انتظارى اليك قائلا متى تعزينى ؟
يئست نفسى ، وبدأت تشعر من جديد بابتعادك عنها .. وأنك لا تسمعها .
هل هذه حقيقة يا الهى ؟ هل رفضتنى ؟ هل لا أمل لى ؟ هل أقفلت كل الأبواب فى وجهى ؟
لماذا تأخرت استجابتك ؟ لماذا امتلأت نفسى بالمرارة؟
أين أنت ياربى ؟ لماذا ابتعدت وتركتنى ؟ لماذا تركتنى أقاسى وحدى ؟
أين أنت يا الهى ؟ لماذا لا تراك نفسى ؟ ، أين أجدك يا الهى ؟
أحاول أن أبحث فى داخلى لعلى أجدك نائما فأوقظك ، أو ربما أراك من بعيد آتيا ماشيا على الموج الهائج ، الذى اقترب أن يقلب سفينة حياتى...
ان كنت فى قلبى نائما فاستيقظ ...وان كنت آتيا من بعيد ، سائرا على الأمواج الهائجة ، فأبكمها وقل لها أن تهدأ قبل أن تنقلب السفينة ولا يكون هناك الا الهلاك .
ان كنت تسمعنى فأجبنى . ان كنت ترانى فمد يدك وانتشلنى . ان كانت خطاياى تحجبك عنى فاغفر لى وأعنى .
+ أنت قلت " لحيظة تركتك وبمراحم عظيمة سأجمعك . بفيضان الغضب حجبت وجهى عنك لحظة . وباحسان أبدى أرحمك ، قال وليك الرب " (أش 54: 7، 8).
ألم تنتهى اللحيظة التى تركتنى فيها يارب؟ ، ألم يغرق فيضان غضبك كل خطاياى بعد ؟
الى متى تستمر فى تجاهلى ؟ الى متى تمتد هذه اللحيظة ويستمر هذا الفيضان ؟
 لقد يئست نفسى الانتظار ..الى متى أشعر ببعدك عنى ؟ الى متى أشعر أنك بعيد كل البعد ؟ الى متى أشعر أن صلاتى سراب ، مجرد كلام ؟ ...
الى متى أشعر أنك رفضتنى ؟ الى متى لا أرى نورك ؟ الى متى تئن نفسى بداخلى ؟
+ أريد أن أرى مراحمك العظيمة وهى تجمعنى . أريد أن أشعر باحسانك الأبدى وهو يرحمنى .
أريد أن أكون لك ولك وحدك فقط .
أريد أن أتكلم ..فأسمعك ترد على . أريد أن أقرأ كتابك المقدس ..وأصغى الى صوتك يرن فى قلبى .
أريد أن أحيا معك ولا يفصلنى عنك شئ .
أريد أن أراك تحطم حوائط وجدران الخطية التى تكونت عبر السنين وفصلتنى عنك .
+ تعال أنت وبروحك القدوس طهرنى ..
+ تعال أنت وأجعل قلبى مسكنا لك دائما ..
+ تعال أنت واعطنى من ينابيعك لأشرب وأرتوى ..
+ تعال ولا تتأخر ..تعال وأسرع الى نفسى قبل أن يأكلها اليأس ..تعال واعمل فى فأنت أمين فى وعدك ..
"وانظر ان كان فى طريقا باطلا ، واهدنى طريقا أبديا" ..

                 (المصدر : من تأملاتى الشخصية )

22‏/11‏/2010

البذل الخارق



بينما أبونا شنودة يصلى القداس بلندن ، دخل أبونا بيشوى كامل الكنيسة يسنده د. مجدى مرقس وعند التناول تقدم الى أبونا شنودة وقال له : ناولنى . فاضطرب أبونا كيف يناول أبونا بيشوى ، وهو كان فى الكهنوت جديد (موقف صعب ) . فلما رأى أبونا بيشوى أن أبونا شنودة مربوك ومحتار مش عارف يرد عليه كلمه بشدة قائلا ( بأقولك ناولنى ) وهنا اضطر أبونا أن يناوله لأن يده لم تكن تتحرك . وبعد القداس سأله عن زوجته تاسونى مارى لماذا لم تحضر القداس ؟ فكان رد أبونا شنودة انها مريضة ولم تستطع لانها فى انتظار عملية القلب ، فسكت أبونا بيشوى وانصرف ، وبعدها أبونا شنودة انتهى من صرف الشعب ولم يبقى فى الكنيسة أحد ، انصرف هو الى بيته وكانت المفأجاة أن قالت له زوجته : أبونا بيشوى اتناول انهارده من ايدك ، قال لها : عرفتى ازاى ؟ قالت له كان عندى جه يسأل على ، وقعد يلعب مع مريم ، وصلى لى ورشمنى بالزيت وانصرف .
فاندهش أبونا شنودة من هذا البذل الخارق ، واحد تعبان وأيده لا تتحرك وعنده مرض خطير ومش قادر لا يمشى ولا يقعد ، يروح يزور المرضى فى بيوتهم ، فقد نسى نفسه وتذكر اخوته المرضى .
( عن كلمة أبونا شنودة دوس _ كندا _ عن كتاب القمص بيشوى كامل حامل الصليب لأبونا جرجس سامى – كنيسة مارجرجس اسبورتنج )

فى عالم آخر



حدث فى الستينات تقريبا كنت ماشى ومتجه الى شارع بمحرم بك ، وكان زمان يوجد سور ملك مطابع محرم ولمحت أبونا بيشوى كامل ماشى على الاقدام بجانب هذا السور فقلت أجرى أحصله علشان أسلم عليه ، فأسرعت حتى اقتربت منه وكنت على بعد خطوات منه ، فوجدته فى حالة صلاة عميقة جدا ، لدرجة أنه مش دريان باللى حواليه ومش حاسس بى ومن رهبة المنظر وهو رافع عينيه فوق ويتمتم ويصلى بعمق لم أستطع أن أتكلم معه ، ولا أن أقطع صلاته وذهبت على الرصيف الثانى وفضلت أراقبه وهو فى حالة صلاة عميقة ( فى عالم آخر ) ، واتعلمت منه أن  الواحد ممكن يصلى بتركيز شديد أيضا وهو ماشى فى الشارع بل وهو بيعمل أى حاجة لاننا دائما نشتكى من عدم تركيزنا ، أما هذا المنظر فعلمنى أنه لا مستحيل من التركيز فى الصلاة فى أى مكان .
ماشى على الأرض برجليه ولكن قلبه فى السماء وكلما أمشى فى هذا المكان أتذكر المنظر الجميل لابونا بيشوى .

( عن كلمة أبونا شنودة دوس _ كندا _ عن كتاب القمص بيشوى كامل حامل الصليب لأبونا جرجس سامى – كنيسة مارجرجس اسبورتنج )

18‏/11‏/2010

أقوال لبعض الأدباء والفلاسفة ج1


+ الله يوحى الى الناس بمشيئته المنظورة من خلال الأحداث ، وقليلة هى الأذهان التى تفهم اللغة الالهية .
                                                           ( فيكتور هيجو )  
+ بعض الوقت لأصدقائك ، بعض الوقت لأهلك ، بعض الهدوء لنفسك ، وبعد ذلك لا تخف على مستقبلك .
                                                           ( شيشرون )
+ الصدق بحر عميق ، وقليلون جدا الذين غاصوا الى أعماقه ..
                                                           ( فاركوهار )
+ النفوس الكبيرة وحدها تعرف كيف تسامح ..
                                                           ( نهرو )
+ اطعم الجائع ، واكس العارى ، وعز المحزون ، يكون لك من هذا المجتمع البائس خير عزاء يعزيك عن همومك وأحزانك ..
                                     (مصطفى لطفى المنفلوطى )
+ الاعتدال هو الخيط الحريرى الذى ينتظم فيه لؤلؤ الفضائل ..
                                                            (هول )
+ الحياة التى يحياها المرء من أجل الآخرين هى وحدها حياة ذات قيمة ...
                                                        ( ألبرت آينشتين )
+ أسعد الناس من يحب عمله ، أو تكون هوايته هى عمله ..                                           ( فرنسيس بيكون )
+ الشجاعة مثل الحب ، تريد الأمل غذاء لها ..
                                               ( نابليون بونابرت )

14‏/11‏/2010

قاضى الأرامل .. وأبو الأيتام



ذهب أحد خدام النشاط ليخدم فى قرى محافظة أسوان بدعوة من الأب الأسقف هناك لعمل اجتماعات للشباب فى فترة الاجازة الصيفية . ورغم شدة الحرارة فى هذا الوقت من السنة ، الا أنه كان سعيدا جدا بعمل الله معه ، والتفاف الشباب حوله ، وعمل روح الله فيهم.
وفى اليوم السابق لعودته الى القاهرة ، كان فى زيارة لأحد الشبان فى منزله . ولما علمت أسرة الشاب بسفره ، أوصته بتوصيل مبلغ من المال الى أسرة فقيرة تسكن فى حى مجاور له ، فقد مات الأب وترك أسرته بلا أى مورد للرزق ولا أحد يهتم بهم ، فوعد الخادم بذلك .
وعندما عاد الخادم الى القاهرة ، نسى تماما موضوع الأرملة وأولادها ، وكان قد وضع الظرف الذى به المال داخل حقيبة .
وفى يوم ، كان ذاهبا فى مشوار مهم ، وتأخر عن الموعد فأوقف تاكسى ليقله الى مكان اللقاء ، ولكن للأسف بعد أن سار التاكسى مسافة قصيرة ، توقف السائق وعرف منه الخادم أن ( العجلة نامت ) ويجب استبدالها .
نزل الخادم متضايقا ، ووقف ينتظر تغيير العجلة . وفيما هو واقف بجوار شباك أحد المنازل ، سمع صوت امرأة تصلى وكانت تقول : " أنت عارف يارب أن آخر لقمة فى البيت أكلوها الأولاد قبل ما ينزلوا المدرسة والبيت كله فاضى ومعيش فلوس ، واحنا يارب ملناش غيرك نتكل عليه ونلجأ له"، وكانت المرأة تبكى وهى تصلى .
وهنا فقط تذكر الخادم أمر الظرف الذى كان مفروضا أن يوصله ، أخرج الخادم الظرف بسرعة من حقيبته ، وقرأ العنوان . وكم كانت دهشته لقد كان العنوان هو نفسه المكان الذى يقف عنده ، والبيت الذى يقف أمامه ، وعرف أن هذه الأرملة هى المقصودة ، فدخل بسرعة اليها ، وأعطاها المال ، وأعلمها بقصته و مدى اهتمام الله بها و بأولادها ..
فهو قاضى الأرامل وأبو الأيتام ، وهو المسئول شخصيا عنهم .
(عن كتاب قاضى الأرامل لأبونا تادرس يعقوب ملطى )  

10‏/11‏/2010

سى ديهات تعليم الالحان القبطية والتسبحة



الألحان القبطية والتسبحة ، تجعلنا نشارك السمائيين فى تسبيح الله ، تجعلنا متشبهين بالملائكة ..
هل تريد تعلم لغة السماء ؟ هل تريد أن تشارك الملائكة فى تسبيحهم ؟ 
اليك الطريقة ، سهلة وبسيطة وممتعة ، اقرأ الموضوع التالى ففيه شهوة قلبك : التسبيح
سى ديهات تعليم الالحان القبطية والتسبحة  

07‏/11‏/2010

ما هذا بيدك


الله يطلب تكريس ما عندنا مهما كان ضئيلا أو صغيرا .. فلقد كان موسى راعيا وسأله الرب " ما هذا فى يدك ؟ فأجابه ( عصا ) وبالعصا عمل الرب العجائب .
وسأل داود " ما هذا فى يدك ؟" فأجابه ( مقلاع ) فمكنه به من قتل جليات الجبار .
وسأل الرب يوما ولدا صغيرا " ما هذه فى يدك ؟ " ، فأجابه (خمسة أرغفة شعير  وسمكتان ) وبها أطعم السيد الآلاف .
وسأل أرملة فقيرة " ما هذا فى يدك ؟" فأجابت ( فلسان ) فحثها أن تضعهما فى الخزانة حتى تطبق شهرتها الأفاق .
وسأل أخرى " ما هذا فى يدك ؟ " فأجابته (قارورة طيب ) ، فأرشدها أن تسكبه عليه فيعبق عطره تاريخ الكنيسة .
وسأل أخرى " ما هذا بيدك ؟" فأجابته ( أنها ابرة ) فاذ بطابيثا تصنع الثياب للفقراء وتصير مثلا أعلى للعمل الصالح ..
ما هذا بيدك يا أخى ؟ أستخدمه للرب ...
 و ما هذا بيدك يا أختى ؟ أستخدميه للرب ...      
( عن كتاب لنعمل معه لأبونا مرقس عزيز خليل ) 

05‏/11‏/2010

احتفال المائة عام


من عادات أهل احدى بلاد الهند أنهم يقيمون احتفالا كل 100 عام فى ساحة ، كان فى وسطها صخرة وحين يتم الاجتماع فى ذلك اليوم يخرج مناد فى الناس قائلا " ليتقدم الآن ويصعد على الصخرة من شهد مثل هذا الاحتفال منذ مائة عام " وحينئذ يسود على الكل صمت عميق و ينتظرون حتى يبرز من بينهم رجل عبث به مر الأيام وكر الأعوام فيتثاقل فى مشيته ويصعد الصخرة ببطء ويظهر أمام الناس منحنى الظهر مبيض الشعر مجعد الوجه تكسو وجهه سحابة غم مما لحقه من بلايا ثم يتكلم بحزن عما شهده فى بحر المائة عام من سقوط ممالك وانهيار عروش وزوال أشخاص ويختم كلامه بقوله " كل ما أستطيع أن أقوله عن هذه الحياة أنها دار زوال فكل ما شهدته زال كما أنى أيضا سأزول و سيأتى الاحتفال القادم وأنا تحت أطباق الثرى (التراب) وقد بلى لحمى وفنى عظمى " .                                                                                                           
فكن على ثقة أيها الانسان أنه كما سجل اسمك فى عداد المولودين يوما سيسجل أيضا ضمن الأموات فى يوم آخر ، وما صنعته يوما مع أحد أقربائك المائتين سيصنع بك أيضا يوم تموت ، وكما تتكلم عمن رحلوا قبلك وتقص أخبارهم فكذلك سيتحدث عنك من يبقون بعد رحيلك ، وكما ورثت من سبقوك سيرثك أيضا من يلحقك ، ومهما بكى عليك وولول من تظن أنهم يحبونك فلابد أنهم يوما يضحكون ويرجع اليهم السرور كما كان أثناء وجودك .
اذا فلنحتقر الأرضيات ونرغب فى السماويات كى لا يكون لنا الموت هلاكا بل حياة أبدية بالمسيح يسوع ربنا .
(عن كتاب طريق السماء للقس منسى يوحنا )

04‏/11‏/2010

الرجل الحكيم


 قيل ان مدينة كان يقيم أهلها كل سنة ملكا غريبا عليهم وعند نهاية السنة يفاجئه أهل المدينة من حيث لا يدرى فيخلعونه من ملكه ويطوفون به المدينة ثم ينفونه الى جزيرة يموت فيها جوعا وحزنا . فحدث ان رجلا حكيما ملكوه عليهم ، أدرك الأمر واستطاع أن يعلم ما سيجرى له فشرع يبنى فى تلك الجزيرة دورا وقصورا وأخذ يرسل اليها كل ما ملكت يداه حتى نفى اليها وكان قد أعد فيها كل خير ونعمة فعاش فيها غنيا ورغدا مطمئنا .
فلو كنا نتصرف فى أمورنا الروحية تصرف هذا الرجل الحكيم لاستطعنا أن ننتقل من هذه الحياة مطمئنين لأننا أعددنا لأنفسنا فى بيتنا الأبدى كل وسائل راحتنا .
فيا أيها المسافر الى الحياة الابدية لا يهمك عدم اجلال الناس لك واذا أعياك تعب الطريق فلا تغتم .
(عن كتاب طريق السماء للقس منسى يوحنا )

02‏/11‏/2010

القديس الراهب يونان

 فى أعالى الصعيد ، وفى دير قرب أسوان من تلك الأديرة العديدة      التى عاش رهبانها تحت رعاية الانبا باخوم أب الشركة ، كان بين هؤلاء الاخوة ، راهب اسمه يونان اشتغل بستانيا للدير ، وقد اتصف بتواضعه وبسرعة تلبيته لمطالب اخوته . كذلك عود نفسه على الاكتفاء بأكل الخضروات الطازجة بعد صلوات الغروب فقط . ومع تقشفه الشديد فقد ظل صحيح الجسم لم يمرض اطلاقا .
وذات يوم ذهب الانبا باخوميوس ليتفقد رهبانه بذلك الدير ، فوجد عند مدخله شجرة تين وارفة الظلال كثيرة الثمر ، ولكنه رأى فوقها شيطانا هو شيطان الجشع الذى كان يغرى حديثى الرهبنة بالافراط فى أكل ثمارها الشهية ، فنادى البستانى يونان و قال له " اقتلع هذه الشجرة اذ يجب الاستغناء عنها لانها عثرة للمبتدئين " .
فتألم الراهب البستانى لهذه الكلمات ، ورجا القديس الكبير أن يتركها . فلما لاحظ الاب الحنون الالم واضحا على وجه يونان عدل عن رأيه وسمح له باستبقائها ، وفرح يونان لهذا التنازل .
ولكن للأسف ! فقد وجدها اليوم التالى يبست وجفت تماما و سقطت كل أوراقها و ثمارها ، فتألم البستانى كل الألم لانه عارض أمر أبيه الروحى بدلا من طاعته . 
وقضى يونان 85 سنة فى الدير مداوما على تدريب نفسه روحيا مستهدفا السمو ليكون لائقا بالاسم المجيد الذى لمخلصنا الصالح ، ومع كونه انشغل بحديقة الدير و زرع كل أشجارها ، الا أنه لم يسمح لنفسه بأن يذوق ثمرة واحدة من ثمار الاشجار المختلفة ، بل كان يقدم هذه الثمار لاخوته الرهبان و لزوار الدير .
كذلك لم يسمح لنفسه بالاستراحة ولو لفترة قصيرة لانه كان يشتغل برضى وحماسة ، فمتى انتهى من الزرع وصلى صلاة الغروب مع اخوته جلس يضفر الحبال الى ساعة صلاة النوم . و خلال عمله هذا كان يتلذذ بترديد الآيات المقدسة ، فان غلبه التعب نام مكانه والجدائل فى يده ، وعلى هذا الحال عينه نام نومته الأخيرة .
وقد روى اخوته الرهبان انهم حينما أرادوا أن يفردوا جسده عند دفنه لم يستطيعوا لانه كان قد تصلب بحكم تعوده العمل والنوم جالسا . فواروه الرمال بجلسة العامل المثابر الذى فأجاه الموت خلال عمله .
بركة صلاته فلتكن معنا آمين .


(عن كتاب لكى لا ننسى لايريس حبيب المصرى )

للأمانة

للأمانة فى حالة نقل أى معلومات من المدونة يرجى ذكر اسم المدونة وعنوانها :

ادخل ايميلك ليصلك كل جديد

Enter your email address:

Delivered by FeedBurner